أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - التعليم الديني للصغار كنمط للإكراه في الدين















المزيد.....

التعليم الديني للصغار كنمط للإكراه في الدين


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3006 - 2010 / 5 / 16 - 09:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"لا تفعل هذا وإلا الله بيحرقك بالنار"، كم سمعنا هذه الجملة في صغرنا، وأحبطتنا عن الكثير من التفاعل والإقدام والانخراط الإيجابي في الحياة. والسؤال هل تحبب هذه الجملة الطفل بالله، وتجعله قريباً من نفس وروح الطفل، أم تصوره وتقدمه بشكل ثان ومغاير؟ والأمر الآخر، والأهم، هل تـُبقي مثل هكذا تعاليم الطفل الصغير والبريء المتطلع للحياة، في حال توازن عقلي ونفسي وروحي، أم تنسف منظوماته ومرتكزاته النفسية والعقلية تلك من الأساس وتخرّج لنا أشباه الآدميين أولئك؟ سؤال لمن يسمـّون بوزراء التربية والثقافة والإعلام العرب، وكل المؤتمنين على الطفولة والإنسان.

إن توجيه مدارك وعواطف وتفكير الطفل باتجاه تفكير بعينه، وإجباره على اعتناق فكر بعينه ومصادرة أي حق له بالاختيار الطوعي الذاتي والحر، ما هو في حقيقة الأمر إلا نوع من الإكراه في الدين الذي نهى عنه القرآن شرعاً، وهو انتزاع وسلب غير قانوني وغير أخلاقي لحقه الطبيعي في الاختيار، ، كون الطفل الصغير لا يملك زمام أمره، ولا يعرف مصلحته من عدمها وأين تكمن، وهو ضحية لمجتمعه في هذه الحال. فالتعليم الديني بهذا المعنى هو نوع من الإلزام المتوجس غير الواثق من نفسه، والخائف تماماً من ذهاب الطفل بعيداً عن هذا المسار حين يكبر، ولذا ينبغي "استلامه" وتطويعه وتدجينه من الصغر وزرع فكر بعينه في ذهنه ومخيلته قبل أن يكبر وينضح عقله وقد لا يتقبل الفكر الديني برمته. إذا كان هناك ثمة ثقة بشمولية وصحة وحقيقة فكر ديني ما، بالنسبة لم "يستلمون" الطفل من صغره، فلم لا يترك هذا الطفل حتى يكبر ويختار هو بنفسه هذا الفكر أو ذاك الذي يكون أقرب إلى عقله وفطرته وما جبل عليه. إن هذا السعي المحموم من قبل المنظومة الكهنوتية الشرق أوسطية لاحتكار عقول الناشئة والأطفال واختطافها منذ الصغر، يخفي وراءه ما يخفيه، وما هو إلا تعبير عن خوف كامن في بنية تلك المنظومة من "إفلات" هذا العقل وإمكانية خروجه عن فكر القطيع، حين يكبر من قبضة ذاك الكهنوت ما يعني إيذاناً بوفاته-الكهنوت- ونهاية دوره المريب والمعيب الذي استمر مئات السنين، والمطلوب إبقاؤه داخل حظيرة القطيع الآمن، وهناك سلسلة من العقوبات الصارمة والقاسية بحوزة ذاك الكهنوت ضد كل من يفكر بالإفلات من قبضته وموجودة في صلب دساتير المنطقة ومحمي بقوانين رادعة ومرعبة، ما يضع عشرات علامات الاستفهام حول سر هذا الخوف والرعب على البنية الإيديولوجية لهذا الكهنوت ولماذا هذا الإصرار والسعي المحموم على فرضه على أطفالنا المساكين "الأسرى" ومنذ نعومة أظافرهم، والمحاولات القاتلة والمستميتة لضمان عدم خروج أي كان عليه؟

وفي منطقتنا تحديداً، يقول لنا القيـّمون على الدين بأن الإسلام هو دين الفطرة، ومع ذلك نرى أن الضخ والتعبئة الدينية على أشدها في هذه المنطقة من العالم، ولا ندري لماذا يحتاج دين يقولون عنه بأنه دين الفطرة لكل هذا الضخ والزواجر والنواهي والأوامر، وإذا كان المرء سيختاره تلقائياً، لولا أن ذلك عملية سطو متعمد، واختطاف ممنهج لعقول هؤلاء الأطفال وإخراجهم من سباق التنافس واستثمار العقل البناء في مجال الإبداع والابتكار، وهل تتطلب الفطرة هذا الكم الهائل من الإرهاب والاختطاف العقلي والتجيير والتوظيف والالتفاف على العقول، هذا من جهة؟ ومن جهة أخرى، يعتبر وعي الطفل قاصراً وغير قادر على استيعاب قضايا الكون الكبرى بتلك الصورة والسهولة التي يتصورها القيـّمون على الفكر الديني، قضايا من مثل الموت والحياة والبعث والله والنشور تدخل أولاً في صلب الفلسفة والأسئلة الإشكالية والمعقدة التي عجز عن الإجابة عليها كبار الفلاسفة عبر التاريخ ووقفوا أمامها عاجزين، ومنظومة الطفل الفكرية والعقلية وطاقتها الاستيعابية لا تتقبل وغير قادرة على هضم تلك الأفكار ومناقشتها وكل ما عليها هو القبول بها من دون تفكير والتسليم بها ما يعطل ميكانيكية العقل وآليته مبكراً ويخرجه من دائرة الفعل. وإن إقحام تلك القضايا، إقحاماً قسرياً وعشوائياً وبالشكل الذي نراه، في تفكير ودماغ الطفل، أي الإكراه في الدين، يعني نسف بنية المنظومة النفسية والعقلية والروحية للطفل التي يجب أن تتلقى من المعارف والقيم والعلوم ما يناسب حجمها وقدرتها وطاقتها الاستيعابية، وإلا اضطرت للانفجار، وبالتالي عدم القدرة على التطور والارتقاء بالشكل العقلاني والمنطقي والطبيعي، ولذا نرى أمامنا تلك الهياكل شبه الآدمية المعطلة ضحية الإكراه في الدين، والرموز الدينية مضطربة السلوك والتفكير، والتي يطلق عليها حتى في السعودية، وفي خطابها الرسمي، أصحاب الفكر الضال.

هوية الطفولة المشتركة هي البراءة، ولا دين للطفولة سوى الحب، ونحن من نجرعها الشذوذ والانحراف عبر تلقينها التطرف والفكر المنحرف والضال في عملية الإكراه في الدين المبرمجة. وقد يكون من الواجب أن يتمتع البالغ بهوية واتجاه سياسي وموقف فكري وثقافي ما، عبر رؤية مكتسبة بشكل ذاتي ومن خلال تجربة خاصة، وليست مفروضة، أما الطفولة فيجب أن تبقى بعيداً عن أية تأثيرات أو توجيهات إيديولوجية وعقائدية وفكرية، وأن تترك وشأنها تنمو في مناخات الحب والجمال والأحلام، لا مناخات الرعب والحقد والثأر والرغبة في الانتقام والكراهية العمياء، عندها لن تختلف كثيراً عن عالم "الكبار" المتوحش، ولعمري ليس هناك جريمة أبشع وأفدح بحق هذه الطفولة.
هذا، ويتشابه المتطرفون الدينيون في كل الأديان وهم خريجو بيئات ومدارس ومناخات دينية مغلقة وضحية لعمليات تعبئة وضخ إيديولوجي وغسل دماغ، فليس هناك كبير فرق ، من حيث الأساس، بين بن لادن، والظواهري، ومئير كاهانا وليبرمان وجورج بوش وريغان...فهؤلاء جميعاً انحدروا من بيئات دينية منذ طفولتهم أغرقتهم في الوهم والحقد والأسطورة الدينية والخزعبلات والزعبرات، حتى انحرف تفكيرهم وسلوكهم، وباتوا يعتقدون أنهم هم الوحيدون مالكو الحق، والذين على صراط مستقيم وغيرهم على باطل.

ومن أجل حماية الطفولة ومستقبل البشرية من الحروب والاقتتال، يجب أن يحظـّر التعليم الديني، من قبل المنظمات الدولية المعنية كاليونيسكو واليونيسيف، فوراً، وعبر العالم، ومن دون تحديد أي دين، ودونما إبطاء، ووضع الوصاية الدولية على الدول التي تفعل ذلك، وجعل تفكير الطفولة يتمحور حول الأخوة الإنسانية، والعرق البشري الواحد، وعندها فقط، لا نجد مجانين الأديان الذين يشعلون الحروب قي كل مكان، ابتداءً من بن لادن، مروراً ببوش وزمرة المحافظين الجدد المتدينين، وليس انتهاء بكاهانا وليبرمان وباروخ غولدشتاين، وأعتقد جازماً، أن من أشرف على تربية وتنشئة هؤلاء جميعاً هم من نفس الطينة والبنيان السلوكي والفكري والإيديولوجي ، ويرتبطون جميعاً، ومن دون قصد ربما، بالناظم "الغيبي" والهوس الديني، إياه.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا نستبدل حصص التربية الدينية بحصص الموسيقى والفن والب ...
- البورنو الديني في مدن الظلام: وثقافة الجن والعفاريت
- ثقافة الوأد وافتراس الأحياء والصغيرات: آباء أم ذئاب؟
- لا حضارة من غير بشر حضاريين
- طلاق الصغيرات
- هزيمة النقاب ومشروع بدونة أوروبا
- لول: وأعداء الضحك والابتسام
- أجب عن الأسئلة التالية: امتحان كتابي لإرهابي
- الله يستر: مقال يزلزل كيان أكاديمي عروبي
- زلزال الكلمة الحرة يصيب أكاديمياً سورياً !!!!
- أيهما أفضل استعمار البدو أم استعمار الرومان؟
- العربان وهمروجة حزام الأمان
- رحلة مع فكر الظلام وأهله
- هل العالم بحاجة اليوم للحضارة العربية؟ إشكالية العقل والعقال
- لماذا يحتقر البدوي المهن الإنسانية النبيلة؟
- الخطاب البدوي العنصري
- من المئذنة إلى شاشة التلفاز
- لماذا لم يعتذر المؤذن السابق من السوريين؟
- مليونيرات الحوار المتمدن
- هل يحرر حزب الله المقدسات الإسلامية؟


المزيد.....




- مالي تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم الدولة الإسلامية
- لأول مرة.. -المقاومة الإسلامية في البحرين- تعلن ضرب هدف داخل ...
- إسرائيل تمدد المهلة الحكومية لخطة تجنيد اليهود المتزمتين
- عدد يهود العالم أقل مما كان عليه عشية الحرب العالمية الثانية ...
- كاتب يهودي يسخر من تصوير ترامب ولايته الرئاسية المقبلة بأنها ...
- المقاومة الإسلامية: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات وهدفا حيويا ...
- “ثبتها فورًا للعيال” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد لمتابعة ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- متى موعد عيد الأضحى 2024/1445؟ وكم عدد أيام الإجازة في الدول ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - التعليم الديني للصغار كنمط للإكراه في الدين